هنيئاً لكَ يا شهيد!

هنيئاً لكَ يا شهيد!

تبكي قلوبنا دماً، وتتمزق أفئدتنا، مع كلّ أنّة طفل، ومع كلّ قطرة دم، ومع كلّ دمعة عين، من أهل أرض العزة، من أرض الصمود غزة!

لكن ما إن نتفكر قليلاً، حتى نرى بأننا لا يجب أن نبكي إلا على حالنا، ولا ينبغي أن نحزن إلا لذلّنا وضعفنا وانكسارنا، فالنصر قادم لا محالة، ولكن أيأتي ونحن على أسرّة الغفلة نائمين؟!

لنضع حياتنا وحياة أهل غزة في إطارين لصورتين ونقارن بينهما، نستيقظ على صوت المنبه بضجر وحنق، ثمّ نذهب إلى أعمالنا، نضحك مع هذا، ونصرخ على آخر، نشاهد مباراة لكرة القدم، ثم مسلسل ساخر، وجلسة سمر، وأكل في لحوم الناس، ولا يمنع ذلك من وقت قليل لهموم الأمة، فنتسمّر أمام شاشة الأخبار، ونبكي على حالهم، ولا ندري بأننا أحقّ أن يُبكى علينا!

هذه الدماء التي تناثرت تروي أرض غزة، وتزرعها صموداً يحصد الناس ثمار النصر منه عن قريب، هذه الدماء التي نغضّ أبصارنا عنها، بعد أن تسري في أجسادنا قشعريرة وربما خوف من الموت، وإشفاق على حال المستضعفين، لا أعلم كيف يمكن أن تكون نظرتنا لهذه الدماء، بعد أن نقرأ قول الحبيب عليه صلوات ربي وتسليمه: "ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة، وكلمه يدمي اللون لون دم، والريح ريح مسك" فهنيئاً له رائحة المسك !

كلّ منّا هالك لا محالة، فالموت حقّ على الجميع، فقير وغنيّ، حاكم ومحكوم، ولكن أي خاتمة نتمنى؟ أهناك أجمل من موت، كمسّ القرصة يقول صلى اللَّه عليه وسلم : "ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة" فيا سبحان اللَّه! وأين نحن من هذا؟

بل أين نحن من قول رسولنا عليه الصلاة والسلام: "ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة" أبعد هذا نبكي على شهدائنا؟

نبكي على أناس باعوا الدنيا وما فيها للَّه، واشتروا بثمنها جنة عرضها السماوات والأرض، نبكي أناس زهدوا بملذات الدنيا، وفضلوا أن يعيشوا تحت حصار وقصف ونار، على أن يتخلوا عن صمودهم وجهادهم؟ نسأل اللَّه أن يتقبلهم.

ولرحمة اللَّه بنا سبحانه، فإن الأجر لا يكون علينا مستحيلاً بعيد المدى، بل إن "من جهز غازياً في سبيل اللَّه فقد غزا ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا"، فلنجاهد بأموالنا طالما تعذّر علينا الجهاد بأنفسنا، لنخلص النية لله ونسأله تعالى الشهادة بصدق، فإن من سألها بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه، كما وعدنا صلى اللَّه عليه وسلم.

وختاماً نسأل الله شهادة في سبيله، وأن يرزقنا إخلاص النية له سبحانه. وفقنا اللَّه وإياكم لما يحب ويرضى

-----------------

paletine

يسلموووووووو كتييييييييير ع مرورك الرائع

---------

333